ترجمة

أشعار قصيرة عن الحياة لأبرز شعراء العرب

ورِدت الكثير من الأشعار القصيرة عن الحياة على لسان أفصح الشعراء من مُختلف العصور، منها ما تعكس مشاعر الكاتب، أو يصف بها ما عاناه فيها أو حاثًا على كيفية عيشها بطريقة صحيحة، فكانت تِلك الأشعار بمثابة متنفسٍ للكاتب يخرج بها ما في صدره في أبياتٍ مميزة.

أشعار قصيرة عن الحياة

جدول المحتويات

تتعدد الأشعار عن الحياة بمُختلف موضوعاتها، ومن أبرز ما قيل عنها على لسان الشعراء ما يأتي:

أولًا: قصائد أحمد شوقي عن الحياة

شاعر مصري معاصر يُعرف بـ (أمير الشعراء) ولِد في مصر في مدينة القاهرة وأيضًا توفى فيها، وبدأ تعليمه الابتدائي في مدرسو حكومية، واستمرّ في التعليم ودرس سنتين في مدرسة الحقوق قسم الترجمة وتم إرساله إلى فرنسا ليكمل تعليمه في الحقوق ودرس الأدب الفرنسي وتم تعيينه في (ديوان الخديوي عباس حلمي) رئيسًا للقلم الإفرنجي.

جمع بن فنون الأدب من الشعر والنثر وله قصائد في مُختلف الموضوعات وله بعض الأشعار القصيرة عن الحياة، ومن أبرزها:

1- قصيدة (وجدت الحياة طريق الزمر)

تتكوّن القصيدة من سبعة أبيات، وهي قصيدة عمودية عامة من بحر المتقارب أما عن قافيتها فهو حرف الراء، ويتحدث فيها الشاعر عن معنى الحياة والهدف منها فمن الضروري أن يكون للإنسان دورًا فعّالًا وأثرًا طيبًا يتركه خلفه وألا يستهين بالحياة والعالم الذي يعيش فيه.

وَجَدتُ الحَياةَ طَريقَ الزُمَر

إِلى بَعثَةٍ وَشُؤونٍ أُخَر

وَما باطِلاً يَنزِلُ النازِلون

وَلا عَبَثاً يُزمِعونَ السَفَر

فَلا تَحتَقِر عالَماً أَنتَ فيهِ

وَلا تَجحَدِ الآخَرَ المُنتَظَر

وَخُذ لَكَ زادَينِ مِن سيرَةٍ

وَمِن عَمَلٍ صالِحٍ يُدَّخَر

وَكُن في الطَريقِ عَفيفَ الخُطا

شَريفَ السَماعِ كَريمَ النَظَر

وَلا تَخلُ مِن عَمَلٍ فَوقَهُ

تَعِش غَيرَ عَبدٍ وَلا مُحتَقَر

وَكُن رَجُلاً إِن أَتَوا بَعدَهُ

يَقولونَ مَرَّ وَهَذا الأَثَر

2- قصيدة (في مهرجان الحق أو يوم الدم)

القصيدة من 26 بيت وهي عمودية من بحر الكامل، وذات قافية تتمثل في حرف الميم وتعبر القصيدة عن نِضال الشاعر في حياته وتشبيهها بالمأتم مشيرًا إلى أن الفرح غالبًا ما يحاط بالحزن وأن الألم والمعاناة في الحياة أمرًا ضروريًا.

يحث الشاعر أيضًا على عدم اليأس والتخلي بالأمل فدائمًا هناك نصر قادم؛ مهما كانت الصعوبات التي يواجهها الإنسان في الحياة.

وَإِذا نَظَرتَ إِلى الحَياةِ وَجَدتَها

عُرسًا أُقيمَ عَلى جَوانِبِ مَأتَمِ

لا بُدَّ لِلحُرِيَّةِ الحَمراءِ مِن سَلوى

تُرَقِدُ جُرحَها كَالبَلسَمِ

وَتَبَسُّمٍ يَعلو أَسِرَّتِها كَما

يَعلو فَمَ الثَكلى وَثَغرَ الأَيِّمِ

يَومَ البُطولَةِ لَو شَهَدتُ نَهارَهُ

لَنَظَمتُ لِلأَجيالِ ما لَم يُنظَمِ

غَنَت حَقيقَتُهُ وَفاتَ جَمالُها

باعَ الخَيالِ العَبقَرِيِّ المُلهَمِ

لَولا عَوادي النَفيِ أَو عَقَباتُهُ

وَالنَفيُ حالٌ مِن عَذابِ جَهَنَّمِ

لَجَمَعتُ أَلوانَ الحَوادِثِ صورَةً

مَثَّلتُ فيها صورَةَ المُستَسلِمِ

وَحَكَيتُ فيها النيلَ كاظِمَ غَيظِهِ

وَحَكَيتُهُ مُتَغَيِّظًا لَم يَكظِمِ

دَعَتِ البِلادَ إِلى الغِمارِ فَغامَرَت

وَطَنِيَّةٌ بِمُثَقَّفٍ وَمُعَلِّمِ

ثارَت عَلى الحامي العَتيدِ وَأَقسَمَت

بِسِواهُ جَلَّ جَلالُهُ لا تَحتَمي

نَثرَ الكِنانَةَ رَبُّها وَتَخَيَّرَت

يدُهُ لِنُصرَتِها ثَلاثَةَ أَسهُمِ

اقرأ أيضًا: أفضل شعر عربي فصيح وخصائصه

ثانيًا: قصيدة (حكم المنية في البرية جاري)

حلم

تتكوّن القصيدة من 90 بيت وهي قصيدة عمودية من بحر الكامل يتحدث الشاعر فيها عن طبيعة الحياة والموت فيرى أن ما بينهما مُجرد حلمًا أو خيالًا، ويرى أن الحياة صراع لا يتمكن من النجاة فيها سوى الأقوى.

وقائل القصيدة هو أبو الحسن علي بن محمد بن فهد التهامي من كبار شعراء العرب خاصةً العصر العباسي وكان يطلق عليه شاعر وقته، ومن أبرز أبياته الشعرية عن الحياة:

فالعيشٌ نُومٌ والمنيةُ يقظةٌ

والمرءُ بينَهما خيالٌ سارِ

إنَّ الحياة َ صِراعٌ فيها الضّعيفُ يُداسْ

ما فَازَ في ماضِغيها إلا شديدُ المراسْ

للخِبِّ فيها شجونٌ فَكُنْ فتى الإحتراسْ

الكونُ كونُ شفاءٍ الكونُ كونُ التباسْ

الكونُ كونُ اختلاقٍ وضجّة ٌ واختلاسْ

السرور، والابتئاسْ بين النوائبِ بونٌ للنّاس

فيه مزايا البعضُ لم يدرِ إلا البِلى ينادي البلايا

والبعضُ مَا ذَاقَ منها سوى حقيرِ الرزايا

إنَّ الحياة َ سُبَاتٌ سينقضي بالمنايا

آمالُنَا، والخَطايا

فإن تيقّظَ كانتْ بين الجفون بقايا

كلُّ البلايا.. جميعاً تفْنى ويحْيا السلامْ.

ثالثًا: قصائد (أحمد ذكي أبو شادي)

فتاة سعيدة بالحياة

شاعر مصري ولِد في القاهرة 9 فبراير 1892م وهو أيضًا طبيب بارز، برز كواحدة من الشخصيات الأدبية العظيمة في ثلاثينات القرن العشرين وهو مُجدد الشعر العربي وأسس مدرسة أبولو الشعرية، وكان له من القصائد ألوانًا ولم تخلو أشعاره من الموضوعات الحياتية الهامة، فتحدث في بعض أشعاره عن الحياة، ومن أبرز تِلك الأشعار:

1- قصيدة (لو أن تجربة الحياة وحظها)

القصيدة تتكوّن من 10 أبيات وهي قصيدة عمودية من بحر الكاملة وقافية حرف التاء، ويشير فيها الكاتب عن معنى الحياة وجمالها مشيرًا إلى أن الشخص الذي يتحدث عنه في القصيدة وشعوره بمحبته سببًا في جعلها جميلة مادحًا ما تمتلكه المحبوبة من فضائل وصفات جميلة.

لو أن تجربةَ الحياةِ وحَّظها

أني أَنالُ نَداكَ ثم أموتُ

لكفت لتفسير الحياة وخيرها

إنَّ الحنانض لمثل روحي قوت

أيهاً ليونُ جمعتَ ذخرَ فضائل

وحجىً أقُّل جمالهِ ملكوتُ

وحمىً أردِّدُ في عُلاهُ عواطفي

ويطيرُ فيه شعورىَ المكبوتُ

أنت المسيح وقد تقمصُ حبُّهُ

دُنيا الجمالِ وخافَه الطاغوتُ

ما كنت إلاّ للحقيقة وحدَها

والحُّق أكثرُ حظهِ موقوتُ

فلئن سَكت فما سَكت مُخيَّراً

ولرُبَّ سخطٍ للحكيم سكوت

في عالمٍ قد باتَ يُغبطُ من به

عُّى وضَيَّعَ سَّرهُ الكهنوت

وتشردت فيه المحبةُ مثلما

قد ضاع أوزيريسُ والتابوتُ

فمتى يَعُودُ وإن رأيتكَ رمزهُ

ومتى يسُودُ وَخصمهُ ممقوتُ

2- قصيدة (شربت مرارات الحياة)

يسرد الشاعر خِلال تِلك الأبيات تجربة الحياة المرة وما عاناه من صعوباتٍ فيها، والتي كانت سببًا في زهده وتخليه عنها، فيصف ما لاقاه من شرٍ وجحود مقابل الخير الذي قدّمه، وشعوره الشديد بالإحباط من تعرضه للخذل والاستهانة به، فاكتفى الشاعر بنفسه وتصالح داخليًا عن نفسه بعيدًا عن المظاهر الخادعة.

شربت مرارات الحياة ومن يذق

شرابي يرَ السلوان في جوّه الفني

كأني من الرّهبان أزهد ناسك

فإن كنت لا أغنى فإني مَن يُغني

وكم طُفت بالشّهد الشّهي على الوَرى

ومن عجبٍ أسقى الجحود مع المن

فيا نعمة الدنيا عفاءً فإنني

لأحقرُ ما وزّعت حولي من الغْبن

خذلت ولائي واستبحت مواهبي

وإني على فقري إليكَ لمستغني

اقرأ أيضًا: أجمل ما قيل في الأم من قصائد الشعراء

رابعًا: قصيدة (سئمت نفسي الحياة مع الناس)

رجل يعيش في عزلة

قصيدة عمودية قافية حرف الباء عدد أبياتها 33 لإيليا أبو ماضي، فبدأها بالتعبير عن مدى استيائه من الناس وشعوره بالملل من الكذب والإدعاء، وعن توقه إلى العزلة والوحدة فيرى أن العزله توفر له ما يحتاج إليه من جرية وسلام بعيدًا عن نفاق الآخرين، ويفضل أن يعيش حياةٍ بسيطة في الطبيعة بعيدًا عن الصخب وحياة القصور.

فقد كتب تِلك القصيدة خِلال رحلته للبحث عن السلام النفسي في الطبيعة، فلا يخفى أن إيليا أبو ماضي من شعراء المهجر الذين عاشوا حياتهم بالتنقل والهجرة من مكانٍ إلى آخر، ومن الأبيات التي عبّر فيها عما رآه خِلال رحلته وتجربته الحياتية:

نَفسي الحَياةَ مَعَ الناسِ

وَمَلَّت حَتّى مِنَ الأَحبابِ

وَتَمَشَّت فيها المَلالَةُ حَتّى

ضَجِرَت مِن طَعامِهِم وَالشَرابِ

وَمِنَ الكَذِبِ لابِساً بُردَةَ الصِدقِ

وَهَذا مُسَربَلاً بِالكِذابِ

وَمِنَ القُبحِ في نِقابٍ جَميلٍ

وَمِنَ الحُسنِ تَحتَ أَلفِ نِقابِ

وَمِنَ العابِدينَ كُلَّ إِلَهٍ

وَمِنَ الكافِرينَ بِالأَربابِ

وَمِنَ الواقِفينَ كَالأَنصابِ

وَمِنَ الساجِدينَ لِلأَنصابِ

وَمِنَ الراكِبينَ خَيلَ المَعالي

وَمِنَ الراكِبينَ خَيلَ التَصابي

وَالأُلى يَصمُتونَ صَمتَ الأَفاعِ

وَالأُلى يَهزِجونَ هَزجَ الذُبابِ

صَغُرَت حِكمَةُ الشُيوخِ لَدَيها

وَاِستَخَفَّت بِكُلِّ ما لِلشَبابِ

قالَتِ اِخرُج مِنَ المَدينَةِ لِلقَفرِ

فَفيهِ النَجاةُ مِن أَوصابي

وَليَكُ اللَيلُ راهِبي وَشُموعي الـ

ـشُهبُ وَالأَرضُ كُلُّها مِحرابي

وَكِتابي الفَضاءُ أَقرَأُ فيهِ

سُوَراً ما قَرَأتُها في كِتابِ

وَصَلاتي الَّذي تَقولُ السَواقي

وَغِنائي صَوتُ الصَبا في الغابِ

وَكُؤوسي الأَوراقُ أَلقَت عَلَيها

الشَمسُ ذَوبَ النُضارِ عِندَ الغِيابِ

وَرَحيقي ما سالَ مِن مُقلَةِ الفَجرِ

عَلى العُشبِ كَاللُجَينِ المُذابِ

وَلتُكَحِّل يَدُ المَساءِ جُفوني

وَلتُعانِق أَحلامُهُ أَهدابي

وَليُقَبِّل فَمُ الصَباحِ جَبيني

وَليُعَطِّر أَريجُهُ جِلبابي

وَلأَكُن كَالغُرابِ رِزقِيَ في الحَقـ

ـلِ وَفي السَفحِ مَجثَمي وَاِضطِرابي

ساعَةٌ في الخَلاءِ خَيرٌ مِنَ الأَعـ

ـوامِ تُقضى في القَصرِ وَالأَحقابِ

يا لَنَفسي فَإِنَّها فَتَنَتني

بِالحَديثِ المُنَمَّقِ الخَلّابِ

فَإِذا بي أُقلى القُصورَ وَسُكنا

ها وَأَهلَ القُصورِ ذاتِ القِبابِ

فَهَجَرتُ العُمرانَ تَنفُضُ كَفّي

عَن رِدائي غُبارَهُ وَإِهابي

وَتَرَكتُ الحِمى وَسِرتُ وَإِيّا

ها وَقَد ذَهَّبَ الأَصيلُ الرَوابي

نَهتَدي بِالضُحى فَإِن عَسعَسَ اللَي

لُ جَعَلنا الدَليلَ ضَوءَ الشِهابِ

وَقَضَينا في الغابِ وَقتاً جَميلاً

في جِوارِ الغُدرانِ وَالأَعشابِ

تارَةً في مَلاءَةٍ مِن شُعاعٍ

تارَةً في مَلاءَةٍ مِن ضَبابِ

تارَةً كَالنَسيمِ نَمرَحُ في الوا

دي وَطَوراً كَالجَدوَلِ المُنسابِ

في سُفوحِ الهِضابِ وَالظِلُّ فيها

وَمَعَ النورِ وَهوَ فَوقَ الهِضابِ

إِنَّما نَفسي الَّتي مَلَتِ العُمـ

ـرانَ مَلَّت في الغابِ صَمتَ الغابِ

فَأَنا فيهِ مُستَقِلٌّ طَليقٌ

وَكَأَنّي أَدُبُّ في سِردابِ

عَلَّمَتني الحَياةُ في القَفرِ أَنّي

أَينَما كُنتُ ساكِناً في التُرابِ

وَسَأَبقى ما دُمتُ في قَفَصِ الصَلـ

ـصالِ عَبدَ المُنى أَسيرَ الرَغابِ

خِلتُ أَنِّي في القَفرِ أَصبَحتُ وَحدي

فَإِذا الناسُ كُلُّهُم في ثِيابي

خامسًا: قصيدة (صحب الناس قبلنا ذا الزمانا)

رجل مكتئب

القصيدة للمتنبي وهي عبارة عن 10 أبيات وهي ضمن القصائد العمودية التي تندرج تحت بحر الخفيف، وقافيتها النون، يتحدث فيها الشاعر عن التجربة البشرية والحياة، مشيرًا إلى أن كافة الناس الذين عاشوا في أي عصر عاشوه مواجهين الكثير من المصاعب واللحظات الصعبة.

معترفًا أن الزمن ليس دائمًا ما يكون حزينًا بل له الكثير من الأفعال الجيدة، منتقلًا بالحديث عن الذين يعاونون في ظلم غيرهم ويزيدون من مصاعب الحياة فيرى أن الأمر لا يستحق كل تِلك المصاعب، فالدنيا صغير والموت محتوم.

صَحِبَ الناسُ قَبلَنا ذا الزَمانا

وَعَناهُم مِن شَأنِهِ ما عَنانا

وَتَوَلَّوا بِغُصَّةٍ كُلُّهُم مِنـ

ـهُ وَإِن سَرَّ بَعضُهُم أَحيانا

رُبَّما تُحسِنُ الصَنيعَ لَياليـ

ـهِ وَلَكِن تُكَدِّرُ الإِحسانا

وَكَأَنّا لَم يَرضَ فينا بِرَيبِ الـ

ـدَهرِ حَتّى أَعانَهُ مَن أَعانا

كُلَّما أَنبَتَ الزَمانُ قَناةً

رَكَّبَ المَرءُ في القَناةِ سِنانا

وَمُرادُ النُفوسِ أَصغَرُ مِن أَن

نَتَعادى فيهِ وَأَن نَتَفانى

غَيرَ أَنَّ الفَتى يُلاقي المَنايا

كالِحاتٍ وَلا يُلاقي الهَوانا

وَلَوَ أَنَّ الحَياةَ تَبقى لِحَيٍّ

لَعَدَدنا أَضَلَّنا الشُجعانا

وَإِذا لَم يَكُن مِنَ المَوتِ بُدٌّ

فَمِنَ العَجزِ أَن تَكونَ جَبانا

كُلُّ ما لَم يَكُن مِنَ الصَعبِ في الأَن

فُسِ سَهلٌ فيها إِذا هُوَ كانا

اقرأ أيضًا: أفضل أشعار عن الحب قصيرة

سادسًا: قصيدة (دع الأيام تفعل ما تشاء)

رجل يجلس على حافة بحيرة

القصيدة للإمام الشافعي وهو أبو عبد الله، محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع ولِد سنة 767 ميلاديًا وهو أحد الأئمة الأربعة وينسب إليه مذهب الفقه الشافعي وأسس أصول الفقه، لم يقتصر علمه على ذلك فقط؛ بل كان فصيح اللسان وله الكثير من أبيات الشعر، ومنها:

دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَلُ مَا تَشَاءُ

وَطِبْ نَفْساً إِذَا حَكَمَ القَضَاءُ

وَلا تَجْزَعْ لِحَادِثَةِ اللَّيَالِي

فَمَا لِحَوَادِثِ الدُّنْيَا بَقَاءُ

وَكُنْ رَجُلاً عَلَى الأَهْوَالِ جَلْداً

وَشِيمَتُكَ السَّمَاحَةُ وَالوَفَاءُ

وَإِنْ كَثُرَتْ عُيُوبُكَ فِي البَرَايَا

وَسَرّكَ أَنْ يَكُونَ لَهَا غِطَاءُ

تَسَتَّرْ بِالسَّخَاءِ فَكُلُّ عَيْبٍ

يُغَطِّيهِ كَمَا قِيلَ السَّخَاءُ

وَلا تُرِ لِلأَعَادِي قَطُّ ذُلاً

فَإِنَّ شَمَاتَةَ الأَعْدَاءِ بَلاءُ

وَلا تَرْجُ السَّمَاحَةَ مِنْ بَخِيلٍ

فَمَا فِي النَّارِ لِلظَّمْآنِ مَاءُ

وَرِزْقُكَ لَيْسَ يُنْقِصُهُ التَأَنِّي

وَلَيْسَ يَزِيدُ فِي الرِّزْقِ العَنَاءُ

وَلا حُزْنٌ يَدُومُ وَلا سُرُورٌ

وَلا بُؤْسٌ عَلَيْكَ وَلا رَخَاءُ

إِذَا مَا كُنْتَ ذَا قَلْبٍ قَنُوعٍ

فَأَنْتَ وَمَالِكُ الدُّنْيَا سَوَاءُ

وَمَنْ نَزَلَتْ بِسَاحَتِهِ المَنَايَا

فَلا أَرْضٌ تَقِيهِ وَلا سَمَاءُ

وَأَرْضُ اللهِ وَاسِعَةٌ وَلكِنْ

إِذَا نَزَلَ القَضَا ضَاقَ الفَضَاءُ

دَعِ الأَيَّامَ تَغْدِرُ كُلَّ حِينٍ

فَمَا يُغْنِي عَنِ المَوْتِ الدَّوَاء

سابعًا: قصيدة (قليل لكم نفسي وإن كثرت عندي)

يد تخرج من بين الرمال

تنسب تِلك القصيدة إلى الشاعر اليمني ابن المقري وهي عبارة عن انعكاس ما عاشه الشاعر من تحدياتٍ وصعوباتٍ في حياته لمُجرد نيل رضا من يُحبهم فقد كان الشاعر متفانيًا يبذل كل ما في وسعه من أجل نيل رضا الآخرين دون مقابل؛ بل دون شكرٍ وثناء على ما قدمه، فتمنى لو أنهم يعانوا مثل ما تسببوا به له ورغبته في الموت بدلًا من حياة لا يشعر فيها بقيمته.

قليل لكم نفسي وإن كثرت عندي

إذا لم أجد عن بذل نفسي من بد

أجود بها منّ غير من عليكم

وأقدم في مرضاتكم بالغا جهدي

فإني في قوم إذا رمت نصحهم

أكن كالذي يستمخض الماء للزبد

أحاول صدقا من فتى غير صادق

واطلب ودا من فتى غير ذى ود

إذا ما سددنا من فتى باب مطمع

أتانا بابواب تجل عن السد

فيا ليت مخدومي فدته جوارحي

يرى ما اقاسي وهو منه على بعد

فو الله ما أشكو عدوي وحده

وإني لاشكو من عدوي ومن جندي

فذا طالب مالي وذا طالب دمي

فاطرح نفسي في المهالك من عمد

فاوقفها بين المنايا وقد بدت

وأولها قبلي وآخرها بعدي

أبيت أداري صحبتي خوف مكرهم

وأصبح من حرب الأعادي على وعد

وأنى التأني ثم أخشى ملامكم

فأقدم إقدام الهزبر على قصد

فياليت شعري ما يقول حواسدي

أهل قدرثوا أم هم بقاء على العهد

أظن عدوي قد رثى لي فقد رثى

ورق لي القاسي من الحجر الصلد

وما لي خوف الموت والموت لازم

وخوفي ان احيى ويستهزلوا بعدى

وللموت خير للفتى من حياته

ومن عيشة ليست بمنجحة القصد

هنيئا لهم ناموا لديك بغبطة

وبت لدا الأعداء منفردا وحدي

يسامرني من لا أحب لقاءه

فيوسعني مدحا وأوسعه رفدي

ويحلف إيمانا وأعلم حنثها

فشاني أن أجدى عليه ولا يجدي

لعل صلاح الدين تفديه مهجتي

يعوضني بالقرب منه عن البعد

فما نال خيرا نازح عن جنابه

ولا خاف ضيرا نازل منه في سعد

في أشعارٍ قصيرة عن الحياة يتعلم الإنسان أن يكون مستعدًا دائمًا لاكتساب المعرفة وتعلم كل ما هو جديد في الحياة والحرص على التحلي بالأخلاق والتعامل الجيّد مع الآخرين وترك أثرًا إيجابيًا يتذكره الناس به بعد رحيله.


أشعار قصيرة عن الحياة لأبرز شعراء العرب المصدر:

زر الذهاب إلى الأعلى